في اليوم العالمي للغة الأم نتحدث عن لغات الأم في أوغندا

في اليوم العالمي للغة الأم،نتحدث عن اللغات الأم في أوغندا.

بقلم:ماسيمبي عبدالرحمن "أبوولي"
٢٠٢١/٢/٢١

يحتفل اليوم العالم باليوم العالمي للغة الأم وذلك بقرار اليونيسكو، ولكن هل لأوغندا اعتزار باليوم؟ للرد عن هذا السؤال وغيرها سأتناول في مقالي بين النقاط عن السؤال.
أوغندا او يوغندا من احدى الدول الافريقية التي تقع في منطقة البحيرات العظمى في شرق القارة. تعد اللغة الانجليزية لغتها الرسمية وذلك كمعظم البلدان في مجموعة الكومنولث. رغم كونها ليست خيار معظم الشعب إلا أن اللغة السواحيلية تعتبر لغتها الثانية إذ هي لغة الجيش والشرطة ومصلحة السجون وباقي مؤسسات الأمنية كما تنتشر السواحيلية في المناطق الحدودية خاصة الجنوبية والشرقية والغربية. ولكن هل هذا في مصلحة اللغات الأخرى؟ بالطبع لا. كانت أوغندا مستعمرة المملكة المتحدة وقد دامت الاستعمار بقرابة سبعة عقود. كانت لغة المعاملة الإنجليزية، ومع بناءهم للمدارس رسّخت انجليزية المستقبل. سافر بعض الأخيار إلى انجلترا للدراسة ليعودوا انجليزيين لكن باجساد أوغنديين. كانت قبل ذلك مؤسسات المماليك التقليدية كلها تابعة لثقافتها الموروثة ولم تكن قد مستها أي شيء من خارجها. كان شعوبها يعتزون بها- لغةً وتصرفا وقوة وغير ذلك. يوجد في أوغندا أكثر من أربعين قبيلة ولكل قبيلة لغتها وثقافتها تَعترف بها وكانوا يعتزون بها وبشخصياتها التاريخية وإن كانت هذه الشخصيات خيالية مصطنعة. 


 شعار اليونسكو لليوم  العالمي للغة الأم


رجوعا إلى حديثنا، يؤسفني الحال في اوغندا من حيث لغاتها الأم، هناك لغات على وشك انهيار وبعضها في وضع مؤلم وبعضها لا يفتخر أهلها بالتحدث بها إذ أن المجتمع الذي يعيشون فيه مجتمع يميل إلى لغة أخرى أو ثقافة بعيد كل البعد عن ثقافته الأم. أما البعض فحالتها واعدة ولديها إشارات على بقاءها لقرون في المستقبل مثل اللوجندية ورونيانكولي.

 ١- فقد سيطرت اللغة اللوجندية على معظم لغات الأم، ويفضلها أصحاب لغات أخرى عن لغاتهم. يعود ذلك إلى كونها اللغة الأم لكمبالا والتي هي العاصمة الأوغندية وتقع في منطقة بوغندا. فهي العاصمة السياسية والتجارية، يترددون عليها المواطنون من كل مكان للبحث عن فرص عمل أو ما يشبه ذلك. زيادة على ذلك معظم الفنانين "المغنون" يغنون بها وتذاع أغانيهم على الاذاعات المحلية "اف ام" المنتشرة في البلاد وفي التلفزيون، وبالتالي تبقى هي المهيمنة على غيرها من اللغات. 

 ٢- تنتشر الزاوج بين القبائل فمثلا تجد رجل من قبيلة باغندا يتزوج من قبيلة باتوروا ويختارون العيش في منطقة بوغندا فبالتالي لن يتعلم ابناءهم روتوروا بل اللجوجندا، وقد يضطر المرأة بترك استعمال لغتها الأم وتختار التعلم والحديث بلغة زوجها، أليس ذلك اهمال للغة وثقافتها؟ 

٣-في فترة الستينات وأوائل الثمانينات تولى حكم البلاد السيد ميلتون أوبوتي والذي كان ينتمى إلى قبيلة لانجي من شرق أوغندا. فلم تكن فترة حكمه فترة عدل. فهو الذي انقلب على الملك موتيسا الذي كان أول رئيس البلد واجبروه بالفرار إلى إنجلترا وفارق الحياة من هناك في ١٩٦٩، ويقال بأنه كان وراء قتله حيث أُكد بأنه مات مسمومة في شقته بلندن. لم ينس الباغندا ذلك حتى الآن وكرههم لقبيلة لانجي لن تزول ويجبر ذلك أهل قبيلة لانجي بعدم اعترافهم بلغتهم وبثقافتهم بل يختارون التحدث بالإنجليزية واللوجندية لكسب المحبة خاصة من الباغاندا المتطرفين.نفس الحكاية مع عيدي أمين فكان من قبائل الكاكوا ومادي-من القبائل التي ينتمى اليها بعض النوبة في أوغندا- فقد استعمل اهل قبيلته في الجيش والمصالح الحكومية فكانوا هم الأمراء والأميرات،لكن انقلب الزمن عليهم، فنفسهم يكرهون لغاتهم نظرا للكراهية التى تابعت زمن توليهم مهام البلاد. ونظرا إلى الوضع السياسية الراهنة حاليا وبانتماء معظم رجال النظام الحاكم إلى قبيلة أنكولي، فينظر إليهم ولغتهم كالذين جعلوا الأوغنديين يعانون في بلادهم فبالتالي قد يضطر البسطاء منهم بالتخلي عنها والاكتفاء بالإنجليزية واللوجندية المكسرة. 

٤- وإذا نظرنا إلى شكل التعليم الأوغاندي، لغة الإرشاد هي الانجليزية منذ الحضانة وإن كانت وزارة التعليم أعلنت بنظام تعليم جديد في ٢٠٠٧¹ لمرحلة رياض الأطفال والابتدائي مادون رابع الإبتدائي إلا أن ذلك لم تثمر المرجو، فعدد من اللغات لم تعتنى بها لعدم توفر معلمون متخصصون فيها، والمقولة تقول "العلم في الصبا كالنعش على الحجر"، فإن لم يتم" نقشها" في الصبا فكيف يفلح أحد في شبابه او الكبر؟. أتذكر ونحن في هذه الصفوف، فكنا في مدرسة تتجمع فيها أكثر من أبناء لغة واحدة فكل الألعاب وأغاني الروضة كانت بالإنجليزية واللوجندية، فكيف يحافظ ابناء لغات شمال البلاد وشرقها ولا يسمعون عنها في بيئة تربيتهم؟

٥-نقدر أن نتطلع إلى اللغة العربية أو الانجليزية بقراءتهما من كتب تعنى بهن وكذلك باقي اللغات. كما هو معروف "ما كتب قر وما حفظ فرّ"، إذا كان الجيل يتحدث بلغتها مراعيا بقواعدها فحتما فسيزول ويأتي جيلا آخر ولكن لن تبقى تتحدث بدقة التحدث بها مثل الأسلاف وبالتالي قام أبو الأسود الدؤلي ومن كان على دربه بجمع اللغة العربية ويمكنك او أنا معرفة ما كتبت أو غيرك مما فيه من الأخطاء ومعرفة العديد من الألفاظ. للأسف الكتابة والتأليف في أوغندا من الأشياء التى لا تنتبه إليهم من قبل الجهات المسؤولة. كثير من اللغات يتم تدوينها في الكتب فكيف سيهتم بها اهلها وغيره؟ لا تستغرب ستجد أوغندي من قبيلة بانيوروا-مثلي- لكنه لا يعرف لغته وإن عرف التكلم بها فلا يستطيع أن يكتب لغته أو يقرأها إن كتب له شيئا، إلا أنه ماهر في اللغة الانجليزية. 

باللغات المحلية، كتاب قبيلة باغندا هم الذين حاولوا ومازالوا يحاولون على نشر لغتهم والحفاظ عليها. ففيها كتاب يكتبون بها وتعتقد مسابقات مدرسية وجامعية وعلى الهواء للتسابق في اللغة والفائزون يحصلون على جوائز قيمة. وقد يرجع ذلك إلى مملكة بوغندا التي دائما تعمل بالحفاظ على تراثها بكل وسيلة خلافا عن باقي القبائل التي لا حول لها ولا قوة، ليس لديها من يهتم بها.

  منظمة اليونيسكو هي الجهة التى قد ننظر إليها لانقاذ ثقافتنا ولغاتنا إلا أنها نشاطاتها ضعيفة في اوغندا في هذه الناحية

    •ماسيمبي عبدالرحمن"أبوولي"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١- للمزيد عن خطة وزارة التعليم الأوغندي للعناية بنشر اللغات الأم في أوغندا

https://www.monitor.co.ug/uganda/news/education/mother-tongues-their-role-in-formal-education-1876960

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دساتير غير مُوَثق "التعدد الثقافي والممارسات في أوغندا"

دساتير غير مُوَثق: الزواج عبر الثقافات الأوغندية المختلفة (الجزء الأول)

أوغندا في أسبوع