في اليوم العالمي للغة العربية، أتحدث عن بعض قضايا اللغة العربية في أوغندا


واقع اللغة العربية في أوغندا

١٩- كانون الثاني/ديسمبر-٢٠٢٠.

بقلم/ماسيمبي عبدالرحمن أبوولي.

يحتفل اليوم العالم العربي والمستعربون في كافة البقاع المعمورة بيومهم أي "اليوم العالمي للغة العربية" وذلك بقرار الأمم المتحدة لسنة ٢٠١٢ وتعد هذه اللغة من لغاتها الرسمية. كغيرها من اللغات الوافدة في أوغندا تبقى هذه اللغة الجميلة لغة ضعيفة جدا مقارنة ببعض اللغات الوافدة مثل الفرنسية فضلاً عن الإنجليزية-لغة الإستعمار والتى صارت اللغة الرسمية للبلد- مالذي يجعل هذه اللغة في هذا الموقف رغم وجود بعض وسائل قد تمكنها على التأثير فى المجتمع الأوغندي؟ في سطور التالية سألقي الضوء على بعض النقاط.


الفئة المهتمة باللغة العربية.

   كأن أذهان الكثيرين رُسخ فيهم بأن اللغة العربيه تهم المسلمون فقط والمعتقدات الأخرى لا فائدة لها. فنادرا ماتجد أو لن تجد غير المسلمين ذو الرغبة فى تعلّم اللغة العربية. وإن كانت للعربية مكانة في حياة المسلمين بكونها اللغة الأساسية لتعلم دينهم وهي لغة تعبّد، فلا مانع لغيرهم من  تعلمها لعالميتها ومكانتها التاريخية والثقافية. أتذكر يوماً كنت في نقاش مع بعض أصدقائي من المسيحيين وكان في ظنهم هذا الشيئ ودافعوا عن زعمهم وجادلتهم مستدلة بالحقائق على إبطال آرائهم الباطلة. 
وتجد أيضا  طلاب العلوم الإسلامية فقط هم المهتمين بها وقليل من الذين اختارها كمادة اختيارية إذ هي من اللغات المعترفة في المناهج التعليمية، رغم ذلك الإقبال عليها ضعيف جدا. 
للجامعة الإسلامية في أوغندا كلية دراسات الإسلامية والعربية  (FAISAL) لكن للأسف معظم ملتحقيها من دول الجوار خاصة كينيا والصومال، وقليل من أبناء وبنات أوغندا.

ضعف اللغة العربية في معظم المدارس والمعاهد الإسلامية.
   لا أنكر جهود المدارس الإسلامية في نشرها للإسلام بتعليم أبناء الأمة الإسلامية. نعلم علم اليقين بأن العربية لغة العلوم الدينية ومن الخطأ تلقي علومها بغير لغتها الرسمية. فالمواد تكتب بالعربية لكن شرحها يتم باللغات المحلية فمثلا الحديث والفقه وغيرها ستكتب على السبورة بالعربية لكن سيشرح المدرس بالمحلية كي يفهم الطالب وبالتالي اقتصار المتعلم على الألفاظ المحدودة. أما إذا تم شرح المادة من قبل المعلم بالعربية فسيكون الأمر في غاية الإفادة لطلابه وهو نفسه،  فهو في ذلك يمارس لغته بل يطورها ويطلبه ذلك كثرة القراءة. 
الطلاب يدرسون لينجحوا فى امتحانات أواخر الفصول الدراسية لغرض النجاح وانتقال إلى الفصول التالية أو من أجل نيل شهادات إعدادية أو ثانوية وهذا من الخطأ ومن المطلوب علاج هذا التفكير. 

المراكز الثقافية.
    من المعروف عالميا أن المراكز الثقافية تلعب دورا مهما في نشر اللغات،  وغالبا هذه المراكز تتبع السفارات أو القنصليات في هذا البلد. هل يمكن للسفارة الفرنسية الإهتمام باللغة الألمانيّة؟ كلا ثم كلا فاهتمامها تقتصر على فرنسا وثقافتها وهذا واقع في أوغندا وفي غيرها.  فمن بين السفارات العربية في أوغندا فسأكون ظالما لو قلت بأنها اهتمت بنشر اللغة العربية من خلال المراكز الثقافية (ولا أتحدث عن المدارس لأنها تقتصر على فئة معينة وأنشطة معينة وبرامج واضحة ومقتصرة)، المركز الثقافي السعودي في بلازا ملك فهد في كمبالا صراحة ضعيفة جدا فكنت من قبل من روادها،  فتقتصر على تعليم لغة عربية "دورات تعلم لغة العربية" وسعر الدورة غالية جداً والإفادة قليلة جداً. 
في عهد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي،  حاولت جمعية الدعوة الإسلامية العالمية على توزيع كمية كبيرة من كتب اللغة العربية وتدريب بعض المدرسين لكن ضعف هذا الأمر بعد رحيله وضعف الجمعية.  نحن نكن البعثة الأزهرية إلى أوغندا لكن دورها محدودة جداً جداً جداً... أقولها ثلاثة فبالتكرار توكيد الشيئ. 
المراكز غالباً تقوم بتنظيم أكثر من مناسبة بأهداف مدروسة لكن أين ذلك!  ربما ستشهدها أوغندا الجديد- كما هو الشعار السائد على الساحة السياسية خاصة المعارضة الشابة 🤗🤗. 

الجمعيات اللغوية والأدبية.

     ما أكثرها نفعا!  للأسف لا أعرف ولو واحدة ينتمي إليها غيري أو أنا، فالإخوة في غرب ووسط قارتنا السمراء لهم عدة منها وتُرسخ اللغة في مجتمعاتهم. فهذه الجمعيات تقوم بتنظيم مسابقات أدبية،  وتقوم بتشجيع أعضائها على أكثر من عمل مثل كتابة الأشعار أو المقالات أو الانشاد وما إلى ذلك...فنحن أيتام ذلك ولا ندرى متى ستنتهى اليُتم. فلا أعرف أي أوغندي مستعرب ألف شيئا بالعربية أو قام بترجمة بعض الأعمال الأوغندية إلى العربية،  أليس لنا شيئ يستحق المهتمون من أمة اقرأ أن تعرفوا عنا؟  فأناشد الاخوة من المستعربين رغم قلة العدد التفكير في ذلك وتأثير علمهم وعقولهم ربما سنزيد شيئاً إن لم يكن اليوم فغدا سيكون. علينا أن نفكر في تأسيس جمعية بأهداف غير ربحية بل علمية ومن خلالها نفكر في تأليف ما لدينا من معرفة،  نقوم بإنشاء مراكز تهدف إلى تعليم اللغة العربية لدى الجميع دون تحديد ولو كان مركز واحد في كل منطقة من مناطق البلاد (الوسطى، الغرب، الشرق والشمال).
 
شعار اليوم العالمي للغة العربية



نظرة المجتمع لدارسي اللغة العربية.
     فلدارسي اللغة العربية في عيون غيرهم موقف سقيم إذ يعدونهم كالفشلة لا مستقبل لهم، فيرونهم وباء المجتمع-ولم لا- وقد صرح رئيس البلاد بنفسه قبل شهور في إحدى المناسبات بأن دارسي العلوم الإسلامية في الدول العربية يدرسون أشياء لا أثر لهم ولا مستقبل لهم في البلاد فبالتالي ينضمون إلى الحركات والجماعات الإرهابية في البلاد، يا للعار على لسان رئيس البلاد نفسه!! فهذه الأكاذيب ترسخ في عقول غيره من الرعية ما لا حقيقة له عن دارسي اللغة العربية والعلوم الإسلامية.
صحيح بأن كثير من دارسي هذه العلوم ليس لديهم مجالات في سوق العمل الأوغندي والذي بالأصل ليس له وظائف حتى لعلوم المجالات الباقيه. فينظر إليهم على أنّ هدفهم الوحيد الإمامة في المساجد أو التدريس في المدارس لا ثالث لهما وهذا خطأ وتفكير طفولي. وبالتالي نرى الإقبال على العربية والاهتمام بها ضعيفة، وأغلب المستعربين لا يريدون لأولادهم دراسة العلوم الإسلامية والعربية خوفاً على سلك دربهم ناسين أن الخطأ ربما كان لهم ولا يمكن أن تلحق أولادهم نفس المعيشة إن علموهم تعليما عصريا جيدا وبنالناحيتين الأكاديمية والعربية(الإسلامية).

عدم الإهتمام بها في الوسائل الإعلامية أو على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي.
     وأقصد ذلك حينما أقولها، عدا بضع الدقائق لنشرة الأخبار في المحطات الثلاثة الإسلامية والتي تقتصر مسافة بثها على كمبالا وضواحيها. وإذا عدنا إلى صفحات بعض مستعربيها فلا تجد منشوراتهم إلا بالمحليات أو بالإنجليزية. فالعربية عليها هي الأيات والأحاديث وبعض شروحهما فماذا يدل ذلك؟ فعلى موقع تويتر إن لم أظلمك أيها القارئ ربما أنا الوحيد الذي يقوم بالتغريد بالعربية من أوغندا. أما على الفيسبوك فقليل جدا من يقوم بذلك لماذا؟؟ 🤔 
أحترم مستعربي غرب ووسط افريقيا كما أشرت إلى ذلك وأيضا من القرن الإفريقي فقد أثبتوا للعالم العربي أنهم معهم في الساحة وهم يقدرون على نقل الصورة الحقيقية لدولهم إلى العالم والدفاع عن بلادهم والرد على الأكاذيب المنتشرة حول بلادهم وقارتنا والتي قام بترويجها بعض الإعلام الغربي وكتابها أو بعض كتاب العرب الذين يكتبون عنا بلا تأكد أو بناء على الأوهام الهولوودية. 
ألم يحن الوقت أن نعرب عن أوغندا 🇺🇬 بهذه اللغة؟ وإن كنت أتقن الإنجليزية فأجد العربية الأجمل والأحلى كما هو الأمر لدى غيري.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دساتير غير مُوَثق "التعدد الثقافي والممارسات في أوغندا"

دساتير غير مُوَثق: الزواج عبر الثقافات الأوغندية المختلفة (الجزء الأول)

أوغندا في أسبوع