دساتير غير مُوَثق- الزواج عبر الثقافات الأوغندية المختلفة (الجزء الثالث)


الزواج عبر الثقافات الأوغندية المختلفة (ج ٣)

بقلم :ماسيمبي عبدالرحمن أبوولي

تقاليد الزواج عند قبيلة بانيورو Banyoro في القديم والحديث ج١

كما هي القضية عند معظم الثقافات الإفريقيه،  للزواج أهمية عظيمة لدى أهل كِيتارا أو Kitara (للعلم أن سكان مملكة بونيورو العظيمة القديمة يسمون باكيتارا Bakitara). لا يعتبر الرجل مُكمل الرجولة إلا بعد أن يجد لنفسه امرأة يتزوجها. للشعب كيتارا  تقاليد زواجيّ غنيٌّ بمراسمٍ، معتقدات، وعادات تميزها عن باقي القبائل الأوغندية. تقاليد بانيورو/باكيتارا تتناقض مع معظم التقاليد الإفريقيه فلديها موقف حر في شؤون الحب. فمثلاً هي من القبائل القليلة التي لم تعاقب الحمل خارج الزواج. (وهذا لا يعني عدم شرعية مراسم الزواج المعقولة كما سنفصلها فى السطور التالية فى مقالنا). بَنياكيتارا أو Banyakitara ويبقى نفس معنى "باكيتارا". يتمتع باكيتارا بحرية الزواج من أي قبيلة والتقييد على عدم الزواج من عشيرتك حيث يعتقد أنهم مجموعة من سلالة واحدة وبالتالي فهم أبناء دم مشتركٌ.  كان ومازال يسمح فقط آل عشيرة الملكي وهي عشيرة بابيتو أو Babiito بالتزاوج من داخل عشيرتهم لغرض الإحتفاظ على "حدود دمهم الأزرق". مهام البحث عن شريكة الحياة فى مملكة بونيورو العظيمة القديمة كان من شأن الأبوين. كانا يخطبان شريك ابنهما ومازالت فى جنين الأم وكان يعرف ب "Kuswera mu matunda"، حيث كان الرجل ذو زوجة حامل يُهدي الطفل الغير المولود لأقرب صَديق.  ففي هذه الحالة كانت تصل الطفلة على الحالة الزوجية فى سن مبكرٍ وكانت تُقدَّم إلى أم زوجها المستقبليّ لما تبلغ السادسة من عمر. والعجيب أن خطيبها كان يجهل كل ما يجري.

والذين لم يكن مخطوبين كانوا يستعدون للزواج بعد الإحتلام. فكانت البنات يقصن شعرهن ويقلمن أظفارهن ويدهنين بدهن مخصوصة. التركيز على الخلفية العائلية والشخصية مهم مع خصوصية الإهتمام لتجنب الأسر ذات الأمراض المُزمنة والوِراثي. 

حفل إعلان الزواج،  وتسمى في رونيورو (Okweranga)

حينما كان يتم تعيين بنت ملائم،كان يُوفد مبعوثا ويعرف ب(Kiranga buko) أو سميه "مُعلن المصاهرة" إلى أسرتها ليعلن رغبتهم فى أسرتها. فى زيارته الأولى برفقة بضع من الأقرباء مُرتدين اللباس التقليدي إضافة إلى عصاة المشي المزينة بالسُّبحة،كان الموفد لا يُصرح نواياه ويقتصر على طلب الصداقة من الأسرة ويقدم لهم ماعزا كبيرا وبعض أُصص مملوء بالبيرة المحلية الصنعة ولكن يعاهدهم على زيارة أخرى. وفى الزّيارة الثانية، كان يعلن أهدافه الحقيقي، وتعرف هذه المناسبة ب(okweranga) .كان يُؤتى بجميع البنات فى الأسرة ويجتمن أمامه كي يعلن من بينهن رغبته. 

ولكن فى الوقت نفسه، حاولت أسرة البنت التعرف والتعمق عما يخص أسرة الرجل. وإنما خلال كل ذلك كانت تتمثل أسرة البنت بالبذاخة بينما بقي أهل الرجل متواضعين. وبعد أن يتم قبول طلب  أسرة الرجل كانوا يجثون على ركبتهم شكراً لمستضيفهم.



أصيص البيرة المحلية الصنعة 

وبعد ذلك كان يحتسي الرجل-العروس شيئاً من البيرة وكان هذا رخصة لمناقشة ثمن المهر، يسمى هذه البيرة فى رونيورو ب "Amarwa ge kicwa muhendo"  أي مهر الحسم على الثمن. كانت الأسرة تتزوج من الأسرة التى فى نفس الحالة الإجتماعية.  كانت المهر ولازالت تتضمن مثل الأبقار والمواعز وكثير من أُصص البيرة. بعد قبول البنت، كان يتم اتخاذ اجراءات التفاوض على المهر. كان ينقسم شعب كيتارا Kitara إلى ثلاثة مجموعات:-باحوما أو "Bahuma"، و بانيورو" Banyoro" و بايرو "Bairu". كانت المهر المدفوعة من إحدى هذه المجموعات تختلف وتتراوح من الأنعام إلى الأدوات الزراعية مثل البلطة. 

والأجَّل هنا أن فى وقت التفاوض على المهر، كان يُسمح للرجال فقط بالجلوس فى جلسة مناقشتها.  فى الأعراف الإفريقيه، المرأة تُتزوج ولا تَتزوج وبالتالي لم يكن يُسمح لهن أن تتقدمن أثناء مناقشة المهر .دفع المهر، ويعرف ب "okujuka" أو أوكوجوكا. 

كان يُدفع المهرُ فى المناسبة المعروفة عند بانيورو ب (okujuka). وهي مناسبة عظيمة تنظمها آل البنت. يُقدم فيها حبوب البن المحمصة كعلامة الأخوة، والبِيرة المحلية الصنعة وحليب إلى تسعةِ أفراد من أسرة الرجل. هذه لفتة تقليدية لترحيب أسرة الرجل. يُقدم البن فى سلال صغيرة بينما يُقدم الحليب فى أصص الحليب فى شعيرة تعرف ب (okuterura amata) . 

احتاج دفع المهر "omukaaga" ومعناها 'ستة' إلى ستة أشياء إما مواعز أو دجاجة وغيرهما لكن طبعاً هذه الأيام قد يكون أي شيء من الأبقار إلى نقود ولا يُعد تحديد سداسية ما يدفع (وسيأتي إلى الحديث عن وضع الزواج حديثاً) . مع دفع "الستة" أو omukaaga فهذه علامة إرتباط الزوجين وكان يرمز بشريطِ جلد حيوان  أو (engonge) يُربط حول رُسغ الزوجين. 

وفى حالة انتظار يوم حفلة الزفاف، استُثنيت العروسة من الأعمال المنزلية ودهن بدهان ونوع من تراب أحمر بغرض أن يُصبحَ جلدها أملس، تُبقى العريسة داخل البيت حتى يوم الزفاف. كان يُفضل عند البانيورو امرأة جسيمة عن النحيفة. كانت العروسة تلتقي عدد من الهدايا وعُرف محليا ب (ensagalizi) ،  وذلك من قِبل أبويها والأقرباء والتي كانت تمتد من حصائر القُش، سلال، وقماش خلفية. كانت تذهبين إلى بيت زوجها مع حقيبة بخور مصنوع من ورق بردي مُجفف ومُدخن بنكهة بعض العُشب المُعطر والذي كانت تضعه فى غرفة نومها لإثارة الرجل... 

هل تحدثنا عن حفلة الزفاف أو تصرفات الزوجة فى بيت زوجها وكيف يكون ترحيبها عند آل الرجل، بالطبع لا. انتظروني فى المقال المقبلة للمزيد عن الزواج عند قبيلة بانيورو عبر الزمن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دساتير غير مُوَثق "التعدد الثقافي والممارسات في أوغندا"

دساتير غير مُوَثق: الزواج عبر الثقافات الأوغندية المختلفة (الجزء الأول)

أوغندا في أسبوع